المضادات الحيوية تُنقذ الأرواح، لكن إساءة استخدامها تفتح الباب لبكتيريا لا علاج لها.. اقرأ كيف نواجه هذا الخطر العالمي.

Image

المضادات الحيوية والاستخدام الخاطئ: بوابة مقاومة البكتيريا



  • عدد الزيارات ( 60 )
  • تاريخ النشر: 08 / أغسطس/ 2025

في عالم تتزايد فيه التحديات الصحية، لا تزال المضادات الحيوية واحدة من أعظم إنجازات الطب الحديث، فقد أنقذت حياة الملايين وغيرت مسار الأمراض التي كانت يومًا ما قاتلة.

ومع ذلك، فإن هذه الأدوية التي لطالما اعتمدنا عليها باتت تواجه خطرًا حقيقيًا بسبب الاستخدام غير الرشيد وسوء الفهم الشائع حولها.

في هذا المقال، نكشف كيف يمكن لسلوكيات بسيطة وغير مقصودة أن تسهم في ظهور بكتيريا مقاومة قد تهدد قدرتنا على علاج العدوى مستقبلاً، ونستعرض سبل الوقاية والتعامل المسؤول مع هذه الأدوية المنقذة للحياة.

ما هي المضادات الحيوية؟

المضادات الحيوية هي أدوية تُستخدم لعلاج العدوى التي تسببها البكتيريا، إما عن طريق قتلها أو وقف نموها، مما يساعد الجسم على التخلص من العدوى.

ظهرت هذه الأدوية مع اكتشاف البنسلين على يد العالم ألكسندر فليمنغ عام 1928، ومنذ ذلك الحين ساعدت على إنقاذ ملايين الأرواح حول العالم.

لكن من المهم أن تعرف أن المضادات الحيوية لا تؤثر على الفيروسات مثل نزلات البرد، الإنفلونزا، أو فيروس كورونا، ولذلك لا يجب استخدامها لعلاج هذه الحالات.

ما المشكلة إذن؟

المشكلة تكمن في أن الاستخدام المفرط أو الخاطئ للمضادات الحيوية يؤدي إلى تطور ما يُعرف "مقاومة المضادات الحيوية"، وهي ظاهرة تصبح فيها البكتيريا قادرة على مقاومة تأثير الأدوية، فلا تعود تستجيب لها، مما يجعل علاج العدوى أكثر صعوبة، أو حتى مستحيلًا.

وتُعتبر مقاومة المضادات الحيوية اليوم من أكبر التهديدات الصحية العالمية، وتهدد بعودة العالم إلى مرحلة ما قبل المضادات، حيث يمكن أن تقتل العدوى البسيطة.

ما هي مقاومة المضادات الحيوية؟

مقاومة المضادات تعني أن البكتيريا طورت قدرة جينية تجعلها غير متأثرة بالأدوية المصممة لقتلها. هذا يحدث عادة عندما:

• لا يتم استخدام المضاد الحيوي بشكل صحيح (مثلاً إيقاف العلاج مبكرًا)

• أو يُستخدم عند عدم الحاجة إليه

• أو يُستخدم بدون إشراف طبي.

حين تبقى بعض البكتيريا على قيد الحياة، تنمو وتتكاثر وتنقل جينات المقاومة إلى أجيال جديدة من البكتيريا، وقد تنقلها لأنواع أخرى أيضًا، ما يُفاقم المشكلة.

الأسباب الشائعة لمقاومة المضادات الحيوية

١. أخذ مضاد حيوي بدون وصفة طبية.

٢. استخدام المضاد لعلاج أمراض فيروسية.

٣. عدم إكمال مدة العلاج المقررة.

٤. مشاركة المضاد مع الآخرين.

٥. استخدام المضادات في تربية الحيوانات.

٦. وصف المضادات بشكل مفرط من قبل بعض الأطباء.

ما نتائج هذه الظاهرة؟

• صعوبة علاج العدوى البكتيرية.

• ارتفاع نسبة الوفيات.

• زيادة مدة الإقامة في المستشفيات.

• اللجوء إلى أدوية أقوى وأكثر سميّة.

• تعطيل العمليات الجراحية والولادة بأمان.

• عبء اقتصادي ضخم على الأنظمة الصحية.

إحصائيات مُقلقة

• في عام 2019، سببت مقاومة المضادات أكثر من 1.2 مليون وفاة مباشرة.

• إذا لم تُتخذ إجراءات، فقد يصل عدد الوفيات السنوي إلى 10 ملايين شخص بحلول عام 2050.

• في بعض الدول، تتجاوز نسبة العدوى البكتيرية المقاومة 50% من جميع الإصابات البكتيرية.

ماذا يحدث عالميًا لمكافحة هذه الظاهرة؟

• أطلقت منظمة الصحة العالمية خطة عمل عالمية لمواجهة المشكلة.

• تعزيز التوعية في المدارس ووسائل الإعلام.

• تقييد صرف المضادات بوصفة طبية فقط.

• تشجيع البحث العلمي لتطوير مضادات جديدة.

• تطبيق نظام AWaRe لتوجيه وصف المضادات حسب خطورتها.

دور البحث العلمي

يسعى الباحثون إلى:

• تطوير أدوية جديدة بآليات مختلفة.

• استكشاف العلاج المناعي وتقنيات تعديل الجينات.

• استخدام البكتريوفاج (فيروسات تقتل البكتيريا).

• تعزيز طرق التشخيص السريع لتحديد نوع العدوى بدقة.

كيف نحمي أنفسنا؟

١. لا تستخدم مضادًا إلا إذا وصفه طبيب.

٢. أكمل العلاج حتى آخر حبة حتى لو شعرت بتحسن.

٣. لا تستخدم مضادًا لعلاج البرد أو الإنفلونزا.

٤. لا تستخدم بقايا دواء قديم.

٥. لا تُعطِ المضاد لأحد.

٦. حافظ على النظافة الشخصية وغسل اليدين.

٧. التزم بالتطعيمات الموصى بها.

دور الصيادلة والمجتمع الطبي

• الصيادلة هم خط الدفاع الأول في توعية الناس بخطورة الاستخدام العشوائي.

• الأطباء يجب أن يتحققوا من الحاجة الحقيقية للمضاد قبل وصفه.

• المستشفيات مطالبة بتطبيق أنظمة مراقبة ومراجعة دورية لصرف المضادات.

دور الحكومات

• سن قوانين تمنع بيع المضادات بدون وصفة طبية.

• دعم حملات التوعية الوطنية.

• مراقبة استخدام المضادات الحيوية في الزراعة والصناعة.

• الاستثمار في البحوث العلمية والابتكار.

الخلاصة

المضادات الحيوية ثروة طبية لا تُقدّر بثمن، لكن إساءة استخدامها يجعلنا نخسرها يومًا بعد يوم.

مقاومة البكتيريا ليست أزمة مستقبلية، بل واقع نعيشه الآن، ومسؤوليتنا كأفراد ومجتمعات أن نحافظ على فاعليتها لأجيال قادمة.

تذكّر: حبة دواء قد تنقذ حياتك اليوم، لكن استخدامها الخاطئ قد يهدد حياتك غدًا.